لم تعد صناعة الأدوية كما كانت قبل عقدين من الزمن. اليوم، تُدار خطوط الإنتاج بعقول إلكترونية وتحكم دقيق، في بيئة حيث الجودة لم تعد خيارًا بل ضرورة. شهد قطاع التصنيع الدوائي خلال العقود الأخيرة تطورًا ملحوظًا، مع التركيز المتزايد على تطبيق معايير الجودة الشاملة والامتثال الصارم لممارسات التصنيع الجيد (GMP). لم يعد التصنيع الدوائي مقتصرًا على خلط المواد الفعالة والمساعدة، بل أصبح علمًا متقدمًا يتطلب التحكم الكامل في كل خطوة من خطوات الإنتاج، بدءًا من اختيار المواد الخام وحتى طرح المستحضر في الأسواق.
يُعتبر مفهوم GMP اليوم حجر الزاوية في الصناعة الدوائية الحديثة، حيث يضمن أن المستحضرات تُنتج في ظروف تضمن السلامة، والجودة، والفعالية. ويتضمن ذلك التوثيق الكامل لجميع العمليات، تأهيل المعدات، وضمان التدريب المستمر للكوادر الفنية.
إلى جانب ذلك، أصبحت مراقبة الجودة والتحقق من العمليات (Validation) جزءًا أساسيًا من كل عملية تصنيع. فلا يُكتفى باختبار المنتج النهائي فقط، بل يتم تحليل كل دفعة دوائية لضمان مطابقتها للمواصفات الدستورية، إلى جانب إجراء اختبارات تحقق للتأكد من اتساق الجودة واستقرارها بمرور الزمن.
وقد ساهم التطور التقني في تغيير النمط التصنيعي السائد، حيث بدأت شركات عديدة تتجه نحو التصنيع المستمر بدلاً من النظام الدفعي التقليدي، الأمر الذي أتاح تحسين مراقبة الجودة، وزيادة الإنتاجية، وتقليل نسب الهدر في المواد الخام والطاقة.
من جهة أخرى، فرضت تقنيات توصيل الدواء الحديثة تحديات وفرصًا جديدة. فقد بدأت الشركات في تطوير أشكال جرعات مبتكرة مثل الأقراص سريعة الذوبان، الجل اللزج، والأنظمة الموجهة لتحرير المادة الفعالة، مما انعكس بشكل مباشر على فعالية الامتصاص وسرعة الاستجابة العلاجية.
وفي ظل هذا التطور، برز نموذج “التصنيع لدى الغير” كحل استراتيجي يعتمد عليه كثير من الشركات الدوائية الحديثة، خصوصًا تلك التي تركز على البحث والتطوير أو التسويق. يتيح هذا النموذج إنتاج الأدوية في منشآت متخصصة مطابقة لأعلى معايير التصنيع، ما يحقق التكامل ويضمن استدامة الجودة دون الحاجة إلى امتلاك بنية تحتية تصنيعية كاملة.
في شركة الحكمة فارما نؤمن أن تطوير التصنيع هو استثمار في صحة الإنسان. نواكب أحدث المعايير والممارسات لنقدم أدوية آمنة، فعالة، وموثوقة، تليق بثقة الصيدلاني والمريض معًا، وتسهم في بناء صناعة دوائية سورية رائدة.